((( طريق ..... الخلاص .. )))
انطلق الشاب كالسهم .. طالبا سطح العمارة , يروم الانتحار ..!! جارا خلفه .. بواب العمارة .. (الرجل الكبير ) .. مهرولا وراءه بكل قسوة محاولا الامساك بالشاب . لل(((ولة بينه وبين الاجهاز على حياته ...
اخيرا .. استطاع الرجل الكبير الامساك بتلابيب الشاب , بعد ان تعثر الاخير قبل ان يدرك الحافة النهائية لسطح العمارة ..
صمت الاثنان للحظات وهم متشابكين . حيث لايسمع لهم سوى صوت لهاثهم المتلاحق لفداحة الجهد الذي بذلوه في الجري ..!!
وتكلم الرجل الكبير . بانفاس متقطعة , وهو ممسك بخناق الشاب :
_ لماذا تروم انهاء حياتك ..؟؟
رد الشاب وهو يحاول التملص بعنف من قبضة الرجل الكبير :
_ اريد ان اموت ... دعني اموت ؟؟
شدد الرجل الكبير قبضته على الشاب , وهزه بعنف وهو يقول :
_ ليس من حقك وضع نهاية لحياتك ... ليس انت الذي يقرر ذالك ..!!
صاح الشاب بغضب :
_ انها حياتي وانا حر فيها ... انا من يقرر ذالك ..!
رد عليه الرجل الكبير بحكمة السنين الطوال :
_ وهل كنت انت من قرر البداية ؟! . حتى تقرر النهاية ..؟
تراخى الشاب قليلا وهو يقول :
_ بما انني لم اقرر بداية حياتي في هذه الدنيا.. فمن الاولى ان اقرر نهايتها على الاقل ... ؟!!
ابتسم الرجل الكبير , وهو لم يزل ممسك بالشاب بكل قوة .. وقال متسالان :
_ ولكن ... لم كل هذا ..؟؟
وبضجر ظاهر .. رد الشاب :
_ لم يعد هناك شيء يستحق العيش ...
قال الرجل الكبير .. مستغربا :
_ يا ساتر ..!!!! . لماذا ..؟؟
اجاب الشاب وهو يغلب دموعه التي انفجرة كفوهة بركان عتيق :
_ احببت فتاة عمري .. ولم استطيع الفوز بها , والسبب امكانياتي المحدودة .. ! عملت جاهدا لتحسين وضعي المادي ولكن .. دون جدوى . جميع الابواب قد سدت في وجهي ..!!
رد الرجل الكبير بهدوء بعد ان استشعر تراخي الشاب :
_ وهل تعتقد ان كل هؤلاء الناس الذين تصادفهم . قد شرعت امامهم الابواب على مصراعيها ..؟!
قال الشاب باستغراب :
_ ان لم يكن كذالك .. اذا . لماذا لم ينتحروا ..؟؟!!
وباستهجان واضح اجاب الرجل الكبير :
_ وهل يجب ان ينتحر ..! كل من لم يتلمس طريقه .؟؟
سال الشاب مستفسرا :
_ اذا ما الذي يجعلهم .. قانعون ...؟؟
صاح الرجل مؤكدا :
_ هذا هو الداء .. القناعة .. انت يا بني تنقصك القناعة , وان كل من تراهم ليس الا قانعين بما لديهم من مشاكل , ولم يتطاولوا الى ما يفوق امكانياتهم .. انا امامك مثلا ..!! هل تضن اني اعيش في بحبوحة من العيش الرغيد ..؟؟لا .. لا انا ايضا مكبل بزوجة اصبحت لاتطاق من كثرة طلباتها التي لا تتناسب مع شظف العيش الذي نحن فيه .. وهناك في الدار افواه مفتوحة مطالب انا باشباعها كل يوم .. وكما ترى انا اعمل الليل والنهار ..والى الان لم اصل الى راحت البال ..!!
رفع الشاب راسه مستفسرا :
_ ما الذي يجبرك على كل هذا ..؟؟
وبياس بالغ رد الرجل الكبير وهو يرخي يديه محررا الشاب من قبضته :
_ ماذا علي ان اعمل ؟؟ .. لقد قدر لي ان اعيش شقيا ..!
واخيرا ... ابتسم الشاب بمرارة وقال :
_ انت حالتك يرثى لها يارجل ..!! انا اشكرك لانك جعلتني اتريث قبل ان افقد حياتي .. وقد وعيت اخيرا بان مشكلتي اهون من مشاكل ناس كثر ..!! واولهم انت ..!
اجابه الرجل الكبير دون ان يرفع راسه وقال :
_ انا ايضا اشكرك . لانك فتحت عيني لابصر طريق الخلاص . و.. و.. و .. و ........
وابتعد صوت الرجل الكبير هابطا من سطح العمارة مع جسده الذي هوى .. بقفزة منه . ..
بعد ان تلمس طريق الخلاص ...........
......................... تمت ..........................
.................................................. ..........