لَحنْ اليُتمْ هوْ اللحنُ الأخيّر ..!

×
×
×

خَلفْ ذَلكَ الهِدوءْ ، تقطِنُ صَرخآت الألم ، لوّ إِنكَ أرهَفت السمْعَ قليلاً لصفعتكَ رِياحُها و دمدمت وهمُكَ المُنقاد لإبتسامة الإرتياح المُرتسِمة دائِماً على شفتِك ، يبكيّ وهو يعزِفُ ذلكَ اللحنُ الحزيّن ، حتى إنهارتْ قوّاهُ وتجمّدت أطرافهِ وتوقفَ ذِهنهِ عنْ التفكير في إكمالِ اللحنْ ، إلا أنهُ مازال يراجع ذاكِرتهُ للمقطعْ اللذي عزفهُ ، يتذكر تلكَ الذِكرياتْ اللتي قادتهُ للبُكاء والعويل ، أغمضَ جفنيه ، تذكر عِندما كان في تلك الغُرفة التي مطلية ألوانَ جِدرانها باللونِ الأبيض .
ذَلك النايّ اللذي عزفَ والدهُ اللحنْ الأخير واللذي يعشقهُ ولا ينامْ إلا على ترانيمه ، تذكرْ وجه والدهُ اللذي كان يبتسم له بفرح وهو منغمر في سماعِ اللحن إلى هذهِ اللحظة وهو جالس تحت تلكَ الشجرة اللتي مدتْ لهُ جذوعها العارية في ذلكَ البردُ القارِص ، حمل نفسهُ من على جاذبية , هذهِ الأرض الخضراءَ الواسِعة , متوجهاً فوق ذَلكَ التِلال اللذي يتوسطَهُ كوخاً صغيراً ، توجه إلى تلكَ الغرفة اللتي كان يتواجد والدهُ فيها دوماً ، عازفاً ، ذلكَ اللحنُ الحزينْ .

إنهارَ على أرضِ الكوخ , سقطت تلكَ الدموعُ اللتي سُرعان ما تجمدت على وجنتهُ ، كانت المرة الأولى اللتي يشعُر بِها إن الصقيع سكنَ وجنته ، أطال النظرُ على تلكَ الطاولة الخشبية ، حركَ بؤبؤتهُ الزرقاء إلى ذَلكَ الناي اللذي يحملهُ في يده , رفعهُ ، و وقِفَ بضعف ، وضعهُ فوق تلك الطاولة وجلس على ذلكَ المقعَدْ الصغيرْ ، رفع أطراف أصابعهُ ليعزف اللحنَ نفسهُ اللذي درّسهُ مع والدهُ ، عزف ، عزف، وإحساسهُ بالغصة اللتي تجتاحهُ ستخنقه ، نطق بهمس وهو يكِح : أبي عُد لي ..!!

سالتْ تلكَ الدمعة الحارِقة على وجنته ، إحمرت تلكَ العيون الزرقاء المتطابقة لعيونْ والدهُ تماماً ، وإحمر ذلكَ الأنف الصغير ، عانق ذلكَ الناي ، وهو ينطق أنفاسه الأخيرة عليه ...!!

فِداكَ يا أبتيّ أينكَ عني؟ تعِبتُ مِنْ ألم اليُتم أعنيّ.!
أبـي أنـتَ ظـليّ حنـا++َ عُـد لي ..!

همسه :
عِندما يُسكننا حُزناً ، عِندما تتورد وجنتينا برداً ، عِندما نعزِف أوتار كئيبةً ،
هُنا :
تبرِقُ السماءَ برقاً ،
و ترتعِشُ الأرضَ رعشاً ,
ويتوقفَ اللِسان عجزاً ,
هُنا :
بمجردْ إحساساً مِنكَ فقط ، بالسماء و الأرض و اللِسان نرى ما نحسهُ
......... حقيقة
ويكون عنوان هذهِ الحقيقة ..،
ولداً في الرَابعة ينطُق (( لَحنْ اليُتمْ هوْ اللحنُ الأخيّر ..! ))
إلهي إن كان هذا مايُرضيك ، فخُذ اليُتمَ حتى ترضى ..!!!

×

مشكورة فداء ع القصة الرائعة