"
"
الجزء الثالث والاخير
قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (23)أي الله هو الذي خلقكم بهذا الشكل البديع وركب فيكم هذه الحواس (
السمع والبصر والعقل) أعطاكم السمع لتسمعوا ما ينفعكم والبصر لتدركوا دلائل قدرة ربكم في هذا الكون، والعقل لتتأملوا وتتفكرو في عظمة هذا الخالق (
قليلا ما تشكرون ) أي ما أقل شكركم لنعم خالقكم!! تذكرون ربكم وقت الشدة وتنسونه وقت الرخاء؟؟ وانما خص هذه الأعضاء بالذكر ( السمع والبصر والعقل) لأنها أداة العلوم والمعارف ووسائل الفهم والأدارك .
قُلْ هُوَ الَّذِي درأكم فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)أي خلقكم ونشركم في الارض ثم إليه وحده مرجعكم للحساب والجزاء.
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (25)أي ويقول المشركون المنكرون للبعث : متى يكون الحشر والجزاء الذي تعدوننا به إن كنتم صادقين في مجيء الساعة والقيامة ؟
وهذا منهم على سبيل السخرية والاستهزاء.
قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (26)أي علم وقت الساعة ووقت القيامة عند الله تعالى لا يعلمه أحد إلا هو سبحانه وما أنا إلا رسول منذر أخوفكم عذاب الله إن لم تؤمنوا !!
وينتقل السياق فجأة من الدنيا إلى الآخرة، فبينما هم الآن في سخرية واستهزاء إذ أبصروا العذاب أمامهم محسوماً ملموساً.
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ (27)أي فلما شاهدوا العذاب (
زلفة ) أي قريبا منهم ورأوه رأي العين ظهرت على وجوههم آثار الكآبة والاستياء فعلاهم الحزن وغشيهم الذل والانكسار، وتقول لهم ملائكة العذاب : هذا الي كنتم تطلبونه في الدنيا وتسخرون منه وتهزءون وتستعجلونه فتقولون : ائتنا بعذاب الله !! هذا هو قريب حاضر منكم، أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون؟
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28)أي قل يا أيها الرسول لهؤلاء الذين يتمنون هلاكك: أخبروني إن أماتني الله أنا وأتباعي المؤمنين أو رحمنا بتأخير آجالنا فمن ينقذكم أنتم من هذا الله وقد كفرتم بالله ؟ هل تظنون الاصنام تخلصكم من عذاب الله وعقابه ؟
قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (29)أي قيل لهم : آمنا بالله وحده وعليه اعتمدنا في جميع أمورنا فسوف تعلمون من هم أهل الشقاوة والضلالة؟؟ هل انتم أم نحن؟؟
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ (30)أي اخبروني إذا صار الماء غائراً ذاهباً في الارض بحيث لا تستطيعون إخراجه، فمن الذي يستطيع أن يخرجه لكم ويجعله نابعاً فائضاً متدفقاً، هل يستطيع غير الله أن يأتيكم به ؟ وهو وعيد مفزع رهيب لاهل الكفر والضلال. صدق الله العلـي العظيم[center]
أنتهى التفسير