(( الصدمة ..... ))
هام على وجهه في الجزيرة , التي وجد نفسه فيها . بعد ان انقذته يد السماء من الموت غرقا , وساقته الاقدار الى هذه الجزيرة البعيدة ... بعد حادث سقوط وغرق الطائرة التي كان هو احد ركابها . واختفاءها في لحظات هي ومن فيها من عالمنا هذا . . حيث ابتلعتها الامواج في طياتها , واصبحت في طي النسيان ..!!!!
وقد قذفت به الامواج الى هذه الجزيرة , فوجد نفسه ملقا على وجهه فوق رمالها . بعد موجة اغماء لم يعرف مداها ..
بعد لحظات استطاع ان يفتح عينيه بصعوبة متفحص المكان المحيط به ... ومن ثم . وبعد جهد جهيد , استطاع ان يقف وهو يتلفت مستطلع المكانه الجديد .. اخذ ينظر لما حوله بعيون خائفة مستغربة من كل شيء ..!! . وكانت تتظارب في راسه لقطات من الحادث المروع بشكل شريط سينمائي مخيف ..
لم يزل يشعر بالرعب من لحظات الموت الوشيك التي عاشها .. ثم اخذ يعود بفكره شيئا فشيئا الى الواقع الذي اصبح هو فيه الان ..
بعد غمرة فرحه بالنجاة من الموت المحقق غرقا .. بدا يتلبسه الخوف من الايام القادمة . وما سيعانيه .. من قساوة العيش , والموت جوعا وضياعا في هذه الجزيرة الغريبة ..
تذكر اول ما تذكر وهو يقف مذهولا في الجزيرة __ فلم الشخص الوحيد على الجزيرة النائية __ الشخص الذي سقطت طائرته في عباب البحر . ووجد نفسه في اخر المطاف وحيدا في جزيرة مفقودة .. وتذكر خطوة ذلك الرجل ..الاولى ..لجمع متاع الطائرة المنكوبة من الساحل , للاستفادة منها على مقاومة الموت , والبقاء على قيد الحياة ..
فقرر ان يخطو نفس خطوت ذلك الرجل , ليجمع هو الاخر ما تجود به الامواج من متاع طائرته من على ساحل تلك الجزيرة . ليستعين بها على الايام الصعاب القادمة وهو وحيد في هذه الجزيرة ....
كان قلبه يدق متسارعا كلما فكر في الايام المبهمة الاتية . وما تخفيه من الالام , والوحشة , والرعب , والموت ... كانت ترعبه فكرة البقاء على سطح تلك الجزيرة الى اجل غير مسمى . والى حين ان تصله يد الانقاذ لانتشاله من المجهول ...
توجه الى الساحل الطويل الممتد امامه يفتش عن ما تتكرم به الامواج عليه من متاع ..
لاحظ من بعيد وجود شيء ما على الساحل .. شيء لم يعي كنهه لبعده عنه .. شيء تحركه الامواج وتقذف به الى ارض الجزيرة ..؟؟؟
هرول بكل قوته الى ذلك الشيء البعيد .. حتى ادركه ....!!!!!
كم كانت كمية الرعب التي احسها .. وهو يراها بام عينه ...؟؟؟ . جثث ركاب الطائرة . تدفع بها الامواج باهتزازات مخيفة الى ساحل الجزيرة .. ( هذا هو المتاع الذي وصل لاغاثته ..!!! ) ..
خاف , ارتعب , ذهل .. لم يعي ماذا سيفعل .. فقد ارعبه منظر الجثث وهي تتحرك مع حركة الموج بوجوه جامدة مصفرة, وعيون جاحظة تعج بلحظات رعب مميت .. وقد تاكلت اجزاء منها .. سقط في يده .. وسقط متكوما على الارض .. وهو برعب وحيرة من امر هذه الجثث المخيفة.
ماذا سيفعل بها , وكيف سيكون حاله وهو يقضي ليلته الاولى المظلمة مع هذه الجثث ..؟؟؟
لا يمكن ان يتركها هكذا .. وفكر لو ترك هذه الجثث هكذا بالعراء فسوف تتجمع عليها الوحوش الكاسرة ..وعندها لم يستطيع ان يحمي نفسه منها ..!
اخذه التفكير عن ماذا سيفعل بها ... هل يدفنها ..؟؟
ولكن من اين له ما يساعده على حفر الحفر التي تستوعبها , وهل يستطيع ان ينجز ذلك العمل لوحده ..؟؟ . احتار بامره وامرها ..؟؟؟
اخيرا قرر __ بعد ان تلمس وجود مصدر للنار في احد جيوبه __ ان يحرقها . لاتلافها , واخفاءها من امامه ....
فقام من لحظته بجمع اكوام من الاخشاب . واغصان واوراق الاشجار الجافة .. وبداء يشعلها الواحد تلو الاخر .. واخذة النار تستعر في الاوراق والاخشاب بالسنتها المتلضية .. واخذة خيوط الدخان تتصاعد عاليا وهي تترنح في الفضاء العالي مع اتجاهات تيارات الهواء ...
واخيرا . اقترب من الجثث , لسحبها ورميها في النار ... ولكن من قساوة وبشاعة المنظر , كان جسده يهتز بشدة كالسعفة في مهب الريح .. واخذت يداه ترتعشان خارج حدود سيطرته , رافضة الامساك باجساد الموتى المتهريء .. كان يعاني من هول الموقف وهو يتالم لما الت اليه حاله ...
ولكن ...!!!!!
ماهي الا لحظات ..... حتى تجمع حوله كثير من الناس .بسياراتهم , ودراجاتهم .. وهم يستوضحون ويفتشون عن سبب هذه الحرائق المتاججة في اطراف جزيرتهم ...؟؟؟
نظر اليهم .. دون ان ينطق بكلمة واحدة ...!!
ومن شدة الصدمة التي لم تخطر له على بال ...!!
لم يستطيع ان يمسك نفسه من موجة ضحك هستيرية مستمرة ..
بعد ان ادرك بان الجزيرة ...... ماهولة ...!!!!!!!!!